ثماني سنوات على النصر العراقي: ذاكرة دماءٍ صنعت فجر التحرير”
تحلّ الذكرى الثامنة ليوم النصر العراقي في 10 كانون الأول/ديسمبر لتعيد إلى الذاكرة واحدة من أهم المحطات في تاريخ العراق الحديث؛ اليوم الذي أعلن فيه الشعب العراقي بكل مكوّناته الانتصار على تنظيم داعش بعد سنوات من القتال الشرس والتضحيات العظيمة.
ثماني سنوات مرّت، وما زال هذا اليوم يجسّد معنى الصمود والوحدة الوطنية. فقد قدمت القوات العراقية بمختلف صنوفها مثالًا في البطولة، ووقف الشعب كله خلفها، ليصبح النصر ثمرة تعاون غير مسبوق بين الدولة والمجتمع. وفي قلب هذا المشهد التاريخي برز نداء المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف عبر فتوى الجهاد الكفائي التي شكّلت نقطة التحوّل الفاصلة في مسار المعركة.
لقد لبّى آلاف المقاتلين من أبناء الحوزة الدينية هذا النداء، تاركين دروسهم الدينية ومحاريب العبادة ليتقدموا إلى ساحات القتال دفاعًا عن الأرض والعِرض والمقدسات. سقط منهم شهداء كبار في مقامهم، صغارًا متواضعين في سيرتهم، لكنهم عظامٌ بثباتهم وإخلاصهم. هؤلاء الشهداء من طلبة العلوم الدينية كانوا مثالًا نادرًا على تزاوج العلم بالجهاد، فكتبوا بدمائهم صفحات ستظل خالدة في ذاكرة العراق.
وفي الذكرى الثامنة للنصر، يستذكر العراقيون جميع الشهداء الذين صنعوا هذا اليوم، وبخاصة شهداء الحوزة الدينية الذين أثبتوا أن الدفاع عن الوطن ليس مجرد واجب وطني فحسب، بل هو أيضًا مسؤولية دينية وأخلاقية. ويمثّل تكريمهم اليوم تكريمًا لروح العراق التي أبت الانكسار، ولتلك القيم التي وحّدت أبناءه في معركة الوجود.
إن استحضار هذه الذكرى لا يهدف فقط إلى الاحتفاء بالماضي، بل إلى تثبيت قيم التضحية والوحدة، ليظل العراق قويًّا ومتماسكًا أمام كل التحديات، مستلهمًا من شهدائه طريق العزة والكرامة.
